إن من البديهيات المسلم بها أن الدولة الوطنية تحرص على حماية مواطنيها في داخل حدودها وخارجها، إلا أن حكومة الجبهة الشعبية يبدو أنها غير معنية بمآسي الشعب الإرتري وهي بذلك تسلك نهج المستعمر الأثيوبي الذى كان ينطلق من قاعدة إخلاء إرتريا من شعبها وكان يرفض الاعتراف بوجود مشكلة في إرتريا، وها هو النظام الإرتري اليوم أيضا لا يقر بوجود أزمة في البلاد وبدأ يكتوي من نارها، فبدأ يبحث عن مشجب ليعلق فيه فشله الذريع، ومما لا شك فيه أن النظام الحاكم في ارتريا يعتبر المسؤول الأول عن ما يتعرض له مواطنيه من تجارة البشر وذلك لأنه المسؤول عن حمايتهم، كما أن السياسات التي ينتهجها هي المسؤولة عن دفع أعداد كبيرة من مواطنيه إلى الفرار من التعسف الذي يمارس ضدهم.

 حاول رأس النظام الإرتري في خطابه بمناسبة مرور 22 عاما على تحرير إرتريا أن يلقى باللائمة على قوى أجنبية وصفها بالأعداء أنها تقوم بجريمة الإتجار بالبشر بشكل منظم من أجل إفراغ إرتريا من الشباب مما نتج عنه ـ ما أسماه ـ إضعاف المقاومة والتصدي، كما نفي أن تكون الخدمة الإلزامية والوضع السياسي في ارتريا السبب في هروب الشباب. وأقر بوجود حملات لا حصر لها تتهم الحكومة الإرترية بالإتجار بالبشر،(وهي حقيقة ولكنها إدانة من المجتمع الدولي لسياسات النظام الدكتاتورية).لأهمية هذه القضية وللوقوف على حقيقة الأمر سنحاول تتبع ها من أجل تحديد دور النظام الإرتري فيها.

تطبق الحكومة الإرترية الخدمة الإلزامية منذ عام 1994م وفق مرسوم أصدر في نوفمبر 1991م حدد مدة الخدمة والسن التي يتوجب عند بلوغها أداء الخدمة على الجنسين، وقد قاربت الدورات هذا العام من الأربع وعشرين دورة، غير أن الحكومة الإرترية لم تسرح من هذه الدورات إلا الدفعات الثلاثة الأولي، أما من جاءوا بعد هذه الدورات الثلاثة لم يتم تسريحهم من الخدمة مع أن المرسوم حدد مدة الخدمة بثمانية عشر شهرا.

أيضا تنفذ الحكومة الإرترية حملات واسعة تحشد لها كل قواتها من أجل مطاردة وملاحقة المستوعبين مما نتج عنه ممارسات تعسفية تطال مجندي الخدمة، كما أن طول أمد الخدمة أفضى إلى أن يكون جميع أفراد الأسرة ذكورا واناثا في الجيش، كذلك في بعض الحملات تم تجنيد أعدادا كبيرة من الأطفال خاصة الطلاب في الدورات التي أعقبت عام 2006 وقد تم تجنيد طلاب في المرحلة المتوسطة بحجة أنهم يتهربون من الخدمة بتعمد الرسوب في الدراسة، هذه السياسات وهي جزء يسير من سجل حافل من العنف ضد منتسبي الخدمة الإلزامية وأسرهم أدى إلى هروب أعداد كبيرة منهم إلى دول الجوار.

  • حقيقة اللجوء من ارتريا:

تنشر المفوضية السامية للاجئين ومعتمدية اللاجئين بالسودان بشكل دوري إحصائيات عن أعداد من يتقدمون بطلب اللجوء من الإرتريين في اليوم وخلال الشهر وعددهم في العام مع أرقام بعدد اللاجئين المتواجدين في شرق السودان، ففي شهر يناير من هذا العام ذكر معتمد اللاجئين أن متوسط طلبات اللجوء التي يتقد بها الإرتريون تبلغ ثمانون طلبا في اليوم وهذا يعني أن ألفان وأربعمائة مواطنا إرتريا يفرون من ارتريا في الشهرـ وكانت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في جنيف قد قدرت في سبتمبر 2011 أن ثلاثة آلاف إرتري يفرون كل شهر إلى السودان وأثيوبيا ـلعدة أسباب على رأسها الخدمة الإلزامية ليبلغ عددهم في السنة ثمانية وعشرون ألفا وثمانمائة، وفي ذات التأريخ أيضا أفاد مسؤول الحماية القانونية للاجئين أن مجمل عدد طالبي اللجوء من الإرتريين خلال الفترة الممتدة من العام 2008م وحتي 2013م بلغ مائة وخمسة ألاف لاجئ، كما ذكر أن 90%منهم أعمارهم من سن 15 وحتي 35 عاما. كذلك ذكر أن السودان كان معبرا لأكثر من مائة ألف إرتري نحو الدول الأوروبية وإسرائيل.

إلى جانب هذه الأرقام توجد أرقاما تقرب منها في الجانب الآخر مع الحدود الإثيوبية حيث تفيد الإحصائيات أن عدد اللاجئين الإرتريين فيها يقارب الخمسين ألفا وجميعهم من فئة الشباب وأغلبهم من مجندي الخدمة الإلزامية، كما توجد أعدادا قلية في كل من جيبوتي واليمن.

     إذا كانت أعدادا بهذه الضخامة قد فرت خلال الأربعة أعوام الماضية فمن المؤكد أن هناك سببا رئيسيا ومهما يدفع بهذه الأعداد إلى الفرار وهو بالتأكيد الخدمة الإجبارية التي تنفذ بتعسف ودون التقيد بالإطار القانوني المنظم لها، كما أن المرسوم الذي تقدم ذكره فيه ثغرات قانونية حيث لم يتطرق إلى الأسر التي يكون جميع أبنائها من الإناث، أو وجود ابن واحد بين عدد من الإناث أو وجود ابن او ابنة واحدة كما لم يعالج مسألة وجود أكثر من ابن في الخدمة في وقت واحد وهو ما يحصل بسبب طول أمد الخدمة، ونتيجة لهذا الخلل فإن هذه السياسات التعسفية تدفع هؤلاء المجندين في البحث عن مخرج من هذا الوضع المأساوي، وبمجرد خروجهم من إرتريا تعترضهم كثير من المشاكل وعلى رأسها عدم وجود  الأسرة التي تكون في حمايتهم مما يجعلهم عرضة لكثير من المخاطر.

  • دور الحكومة الإرترية في تجارة البشر:

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرا في يونيو من العام 2009م اتهمت فيه الحكومة الإرترية بالضلوع في تجارة البشر، ليعقبه في 2011م صدور تقرير من مجموعة الرصد التي شكلتها الأمم المتحدة وكلفت بإعداد تقارير حول التدخل الإرتري في الشأن الصومالي وقد اتهمت اللجنة الحكومة الإرترية بالتورط في قضايا الإتجار بالبشر، بل ذهبت في تقريرها أكثر بتسمية ضابط كبير كأحد الضالعين في عمليات الإتجار بالبشر وتهريب السلاح إلى سيناء.

من مظاهر تجارة البشر في إرتريا أن الخدمة الإلزامية قد انحرفت عن أهدافها السامية وتحولت إلى وضع أشبه بالرق ومن ذلك استغلال المجندات من قبل الضباط اثناء التدريب في خدمتهم وقد يتطور إلى استغلالهن جنسيا، وقد أفادت أعدادا كبيرة منهن وقوع حوادث اغتصاب من طرف الضباط، وتستمر هذه الصور من الانتهاكات بعد التدريب حيث أغلب ضباط الجيش يصطفون عددا من المجندات ليقمن بخدمتهم .أيضا قانون العقوبات المطبق في إرتريا غير رادع بخصوص قضايا الاغتصاب وهو ينص على السجن خمس سنوات في حق من يدان بارتكاب جريمة اغتصاب، وهذه العقوبة الغير رادعة لا تشجع الكثيرات من الضحايا على التقدم بشكوى مخافة العار ولقناعتهن من أن المجرمين قد يكون بمقدورهم تغيير مجري العدالة.

    كذلك من مظاهر الإتجار بالبشر إرغام مجندي الخدمة الإلزامية  بالعمل في بناء مباني أو مزارع الضباط مثل ما فعل (وطو) وكذلك رأس مراخ او هيلي سامئيل وغيرهم حيث أرغم الكثير من المجندين في بناء منازل تحص كبار الضباط ومنهم من يعمل في مزارعهم، كما أن كل ضابط بمستوي رائد فما فوق له مزرعة في موقع عمله يجبر الجنود الذين تحت إمرته بالعمل فيها وأغلبها تزرع بالخضراوات.

أيضا من مظاهر الإتجار بالبشر إصدار تصاريح لمن يرغب في الفرار إلى السودان مقابل مبالغ مالية ضخمة، قد يكلف التصريح لشخص واحد مبلغ خمسة عشر ألف نقفة، كما يسخر الضباط الكبار السيارات المخصصة لهم في نقل الهاربين من المدن الإرترية إلى الحدود وعلى رأسهم (وطو)الذي يتقاضى مبلغ عشرين ألف نقفة مقابل تهريب الشخص الواحد وأكثر من يقوم بهذه الأعمال قادة الفرق المتواجدة في إقليم القاش بركا وكذلك ضباط الأمن ومجموعة الضابط الذين يعملون تحت إمرة تخلي منجوس.

ورد في الخطاب كما ذكرنا في المقدمة توجيه إتهام لقوي أجنبية وصفها بالأعداء أنها تقوم بجريمة الإتجار بالبشر بشكل منظم من أجبل إفراغ إرتريا من الشباب مما نتج عنه إضعاف المقاومة والتصدي!!

  • كيف يمكن أن نحلل هذا القول؟

عند تطبيق قانون الخدمة الإلزامية في ارتريا استعصي على كثير من المراقبين فهم أهداف رأس النظام من تجنيد هذه الأعداد الكبيرة من الشباب بحيث كان عدد من يتم جمعهم للدورة الواحدة فوق العشرين ألف مجند ومع إدراك أن اقتصاد ارتريا الناشئ والشحيح الموارد لم يكن ليتحمل هذه النفقات العسكرية الباهظة، وبإجراء عملية حسابية بسيطة إذا اعتبرنا الصرف على المجند الواحد في اليوم إذا كان يكلف في حدود 10 دولارات كحد أدنى، فإن الدورة الواحدة والتي تستغرق ستة أشهر تستنزف خزينة الدول الخاوية أصلا و تعتمد على الهبات والمنح والمعونات مبلغ 36 مليون دولارا أمريكيا ومن المعلوم أن النظام يخرج دورة في كل تسعة أشهر فاذا ضربنا هذا المبلغ في عدد الدورات والتي بلغت 24 دورة يكون ما أنفقته الحكومة الإرترية على هذه الدورات بلغ 864 مليون دولارا أمريكيا بمعني أن الهدف الأساسي من تنفيذ الخدمة الإلزامية كان ضمن استعداد النظام لمواجهات كان يخطط لها لذلك نجده دخل مباشرة في نزاع مع اليمن ثم السودان ثم في حرب مدمرة مع أثيوبيا والتي جعلت النظام يفيق من أوهامه، ومع  ذلك استمر في الإعداد للمواجهة مع أثيوبيا لكرة أخري، غير أن الأمور لم تسر وفق رغباته وأضحت البلاد تعاني من أثار الحرب وانهيار شبه كامل للمؤسسة العسكرية التي عجزت عن الرد على القوات الأثيوبية التي توغلت في الأراضي الإرترية عقب حادثة مقتل السواح الأوروبيين في شمال أثيوبيا بالقرب مع الحدود الإرترية في العام2012م.

انهيار الاقتصاد بسبب وجود أغلب الشباب في الخدمة أو اللجوء، وتحول الاقتصاد الإرتري إلى اقتصاد حرب يجتهد النظام في توفير احتياجات المؤسسة العسكرية والعمل على تعويض ما دمر أثناء الحرب، والآن وبعد أن وجد النظام نفسه في وضع ليس بمقدوره إشعال حرب مع دول الجوار بدأ يتحصر على أن فرار الشباب من صفوف جيشه أضحي السبب الرئيسي في إضعاف المقاومة متجاهلا أن سياساته الرعناء والغير مدروسة والتي تفتقر إلى التخطيط السليم هي السبب الرئيسي في الفرار من الجيش بل من الوطن وعدم الاكتراث لما تتعرض له البلاد من دمار.

الأمر الثاني: الذي يمكن أن نستنتجه من تحليل العبارات التي وردت في الخطاب كالقول بإفراغ ارتريا من الشباب أن النظام يدرك قبل غيره أن المؤسسة العسكرية في ارتريا هي في طريقه اللانهيار وهذا نستنتجه من ضخامة أعداد الفارين كما أوردنا في مقدمة هذا المقال، فاذا كان عدد الفارين الذين سجلوا خلال أربعة أعوام قد ناف على المائة ألف شاب وهي احصائيات رسمية ودقيقة وموثقة وصادرة من جهات مختصة فكم يكون إذا عدد الهاربين خلال هذه الفترة الطويلة من عمر الخدمة الإلزامية، وإذا أضيف إليها أرقام من لم يخضعوا للحصر لدي معتمدية اللاجئين فمن المؤكد أن العدد كبير جدا مما يعني أن كل من استوعب في الخدمة يكون قد فر منها وهذا يعني أن قوات الدفاع الإرترية تحولت من مهامها الرئيسية وهي حماية الوطن إلى قوة تعجز عن إيقاف الهروب والفرار من صفوفها وأن من يوجد فيها حاليا هم إما متحين للفرصة المواتية من أجل الهروب أو غير مبال بما يحدث أو موال للنظام عجز عن الملاحقة والمتابعة ومطاردة الهاربين . وكانت قد بدأت ظاهرة الهروب في عام 1995  مع الدفعة الثالثة وتفاقمت في 2001 عقب الحرب مع أثيوبيا، وقد بلغ عدد من تقدموا بطلبات اللجوء خلال الأعوام2004 ـ 2006 (13000) شخصا.

    إن برنامج الخدمة الإجبارية اليوم هو أشبه بالشَنِّ (القربة المقدودة التي لا تحفظ الماء)،ومن سخرية التأريخ أن الفنان برخت كانت له أغنية عنونها (أوهايو) وتعني باللغة التجرنية الشَنٌّو ذلك قبل أكثر من 35 عاما عندما وصف حال الجبهة الشعبية في ذلك الوقت، فمما لاشك فيه أن النظام الآن أدرك عجزه وأن مصيره لا محالة إلى الزوال ولذلك نراه يعزوا إخفاقاته إلى قوى أجنبية ويتهمها بأنها أقعدته عن المقاومة والتصدي وفق زعمه.

  • الضالعون في تجارة البشر في ارتريا:

    تأتي الحكومة الإرترية في مقدمة الضالعين في تجارة البشر وذلك بسبب حرف الخدمة الإلزامية عن اهدافها.

 إطلاق يد الضباط في امتهان مجندي الخدمة بشتي الطرق وبأبشع الصور كالضرب المبرح والتقييد في العراء تحت لهيب الشمس أو البرد القارس لأسباب قد لا ترقى إلى مخالفات إدارية بل في الغالب تكون ممارسات تسلطية فيضطر المجندون إلى الهروب.

طول زمن الخدمة فهناك مجندون قضوا أكثر من عشرة أعوام في الخدمة ولم يتم تسريحهم فاضطروا للفرار في اتجاهين في داحل البلاد وهو الأغلب أو إلى دول الجوار.

سياسات الحكومة الإرترية في الخدمة والتي تعطي أوامر صريحة بإطلاق النار على الفارين وقد قتل أعدادا كبيرة منهم، وأن من يتم القبض عليهم أويتم إعادتهم إلى إرتريا كما حدث مع من أعيدوا من مصر وليبيا في عهد مبارك والقذافي أودعوا في السجن دون محاكمة في أفضل الأحوال أو أعدموا في كثير من الحالات التي أضحت مجهولة المصير.

استنزاف الفارين ماليا فاستخراج الجواز الإرتري من إرتريا يعتبر من المستحيلات ولا يمكن لأي مواطن أن تحدثه نفسه بذلك غير أنه وبمجرد خروجه من إرتريا يتقدم إلى سفارة النظام بطلب لاستخراج الهوية والجواز فيتم تحديد عمره ووفقه يتم تحديد الضريبة التي يتوجب عليه سدادها وهي تقيم بالنقفا ثم يتم تحويل المبلغ إلى الدولار وبالسعر الرسمي ومن ثم يتوجب على مقدم الطلب سداد المبلغ وفي الغالب يكون من ألف دولار وحتي خمسة ألاف دولار حسب عمر ومهنه مقدم الطلب.

مافيا النظام فكل أجهزة النظام الأمنية مورطة في تجارة البشر وذلك بابتزاز الراغبين في الهروب ماديا باستخراج التصاريح وهذه يقوم بها كبار الضباط، أو استغلال النفوذ كما هو حال ضباط الصف والجنود الذين لهم علاقات مع زملائهم في حرس الحدود فيقومون بتحديد ساعة عبور المنافذ الحدودية لضحاياهم مقابل مبالغ مالية تصل إلى عشرات الآلاف من العملة الإرترية، كما يتم بيع من يعجزون عن سداد المبلغ إلى مافيا تهريب البشر في دولة المعبر.

قبيلة الرشايدة التي ربطت مصيرها مع أجهزة النظام الأمنية بتنفيذ سياساته في خلخلة النسيج الاجتماعي للمجتمعات الحدودية وقد أقر عدد من زعمائهم بتورط أفراد من القبيلة في هذه الجريمة، كما يعمل النظام على استخدامها في مسائل التهريب وأبرز دليل المؤتمر الذي عقدته الأجهزة الأمنية السودانية في ولاية البحر الأحمر وكانت  أبرز ملفاته تهريب البشر السلاح والتهريب عبر الحدود.

وبهذه المناسبة أشيد بقبائل الهدندوة التي تتوزع بين ارتريا والسودان على طول الحدود السودانية الإرترية لمسافة تزيد على الخمسمائة كيلو مترا ومع ذلك لم تسجل أي حادثة في حقها باستغلال ظرف الإرتريين البائس من أجل تحقيق مكسب مادي رخيص، بل في كثير من الأحيان يتعاطفون مع الفارين بتوفير الأمان لهم سواء من الملاحقة التي قد تكون في تعقبهم أو من السلطات المحلية، وقد يتكفلون بإيصالهم إلى أسرهم أو أقاربهم في داخل الأراضي السودانية وهو موقف شهم ينم عن عراقة وأصالة هذه القبيلة.

مافيا تهريب البشر ومافيا تهريب السلاح: أيضا من المتورطين في تهريب البشر مافيا تهريب السلاح وهؤلاء يتمثل دورهم في دور الوسيط في النقل وهذا الدور يلعبه اليوم تجارة تهريب السلاح في الإتجار أيضا في تهريب البشر وهذا ما أكده تقرير تقصي الحقائق الذي تقدم ذكره.

  • أعراب وبدو سيناء:

تعتبر تجارة تهريب البشر من أكثر المهددات الأمنية التي تعاني منها دولة مصر باعتبارها مشكلة داخلية ويتجلى ذلك من خلال الرصد الذي يقدمه المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والذي أفرد مجالا لهذا الجانب يعرف بمشروع بحوث الإتجار بالبشر في المجتمع المصري تناول قضايا وصور الإتجار بالبشر في مصر مما يدل على عمق هذه الجريمة في مصر باعتبارها من الجرائم المحلية التي تطورت لتصبح من الجرائم العابرة للحدود(الجريمة العابرة للوطنية)ومن المؤكد أن مجرمي تجارة البشر يبحثون عن موارد باستمرار لذلك التقت مطامع العصابات المنغمسة في هذه الجرائم مثل تجار تهريب السلاح ومافيا الإتجار بالبشر في مصر مع اعراب وبدو سيناء الذين يتحكمون في بوابة العبور نحو اسرائيل والتي غدت الوجهة المفضلة لكثيرين من أبناء المرتفعات الإرترية بعد اغلاق طريق ليبيا والبحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا.

قبل أن نختم الموضوع يقول المثل العربي شر البلية ما يضحك فمن المشاهدات أن هناك أمور تجعل المرء في حيرة! هل يضحك مما يشاهد ويسمع أم يتعجب للحال التي وصلت اليها البلاد وتدعوا للرثاء! ومنها:

  أن حاكم اقليم عنسبا الجهبذ قدم تقرير التنمية التي شهدها الإقليم و ذكر أن جملة ما أنفق في التنمية في الإقليم خلال الاثنين وعشرين عاما بلغ مليارا وستمائة مليون نقفة أي ثلاثون مليون دولارا أمريكيا، ونحن نعلم أن الحكومة الإرترية ما تحصلت عليه خلال الاثنين وعشرين عاما من منح وقروض ومعونات اقتصادية والضرائب التي تفرضها على مواطنيها فاقت الثلاثة مليار دولارا امريكيا بل إن الصندوق السعودي للتنمية الاقتصادية في عام 2006م قدم مبلغ 76 مليون ريالا سعوديا أي عشرين مليون دولارا أمريكيا منحة لحل مشكلة العطش التي تواجهها مدينة كرن حاضرة إقليم عنسبا. ومن أفضح الظلم أن مدينة أفعبت التي تبعد عن مدينة كرن بخمسين كيلو مترا لا يربط بينهما طريقا معبدا.

ظاهرة أخري أن صحيفة إرتريا الحديثة وهي الجريدة الوحيدة التي تصدرها وتسيطر عليها وزارة اعلام الحكومة الإرترية من خلال متابعة لما يقرب من عامين بدأت تنشر اعلانات محاكم تتقدم فيها زوجات يطلبن الطلاق بسبب غياب الزوج وعدم النفقة وهذا يفسر الخلل الاجتماعي الذى بدأ يعاني منه المجتمع الإرتري الذى كان حتي في أحلك فترات اللجوء في حقبة الاستعمار في منأى عن هذه الظواهر، وهذه صورة صادقة تعكس بشاعة هذا النظام الذي أفقر الشعب الإرتري وأحدث خللا عميقا في بنيته الاجتماعية بسبب سياساته الدكتاتورية، مع أن ما يعلن يشكل أقل من 1% من الحجم الحقيقي للمشكلة، في المقابل إن زوجات الأسري والمفقودين خلال الاثنين والعشرين عاما لم نسمع أن واحدة من زوجاتهم تقدمت بطلب الطلاق لطول غياب الزوج الذي يجهل مصيره حتي الآن وهذه هي الصورة الحقيقية والصادقة للمجتمع الإرتري التي توارثها عن أجيال.

ما ترصده الحكومة الإرترية للاحتفال بأعياد الاستقلال تصل في المتوسط لما يقارب المائة مليون نقفة اثنين مليون دولارا أمريكيا أي جملة ما أنفق خلال 22 عاما يساوي قرابة 48 مليون دولارا أمريكيا بمعنى أن اقليم عنسبا المكتظ بالسكان والمغضوب عليه من قبل اسياس وزمرته والذي توعده الأمين العام للجبهة الشعبية الأمين محمد سعيد أثناء ثورة الربيع العربي بالويل السبور هو أقل أهمية من احتفالات الجبهة الشعبية وهذه هي الحقيقة.

  • من يدفع هذه الأموال للاحتفالات:
  • الراقصون والراقصات في حفلات الجبهة الشعبية الماجنة والمدفوعة الثمن.
  • المتبرعون بسخاء للنظام السادي الذى يتفنن في تعذيب شعبهم.
  • الضرائب التي تفرض على المواطن الإرتري المغلوب على أمره خاصة ضريبة الدخل 2%.
  • الفنانون والفنانات وجوقة التطبيل والتمثيل التي تعمل من دون مقابل وبلا أجر أو مرتب فقط من أجل البروز الإعلامي الذي توفره لهم وسائل اعلام النظام.

التعليقات معطلة.