• تمهيد:

منذ سقوط الحكومة المركزية الصومالية في عام  1991 تتالت مؤتمرات كثيرة كلها كانت تهدف إلى وقف الحرب الأهلية ووضع حد لها وإعادة النظام ، ومعظم هذه المؤتمرات لم تكلل بالنجاح بسبب أو لآخر وبعد أن لفظت الحكومة الانتقالية الصومالية ـالتي تشكلت في مؤتمر عرته الأخيرـ أنفاسها الأخيرة، بدأت مبادرة عقد مؤتمر نيروبي مدعومة من دول الإيقاد.

وفعلاً افتتح مؤتمر المصالحة الصومالية في اليوم الخامس عشر من شهر أكتوبر عام 2002م في منتجع بلدة الدورين بحضور الوفود المشاركة ورؤساء دول الإيقاد.

فألقى الرئيس الكيني – دانيال ارب موي في المناسبة كلمة حماسية حث فيها زعماء الفصائل حسم الخلافات ونبذ الفرقة والوصول إلى اتفاقية ثابتة وإحلال سلام حقيقي في البلاد، كما طلب السيد موي من الزعماء الجدية في المفاوضات وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وأشار الرئيس موي في كلمته ايضاً- اهتمام المجتمع الدولي بالمؤتمر وتوقعه بأن تتمخض منه حكومة تتمكن من بسط الأمن الشامل في البلاد.

أما بالنسبة للمشاركة فقد حضرت إلى المؤتمر وفود حاشدة من هنا وهناك ووصل من قبل الحكومة الانتقالية وفد رفيع المستوى بقيادة رئيس المجلس الشعبي السيد/ عبد الله ديروا اسحق ورئيس مجلس الوزراء السيد/ حسن ابشر فارح، كما وصل جميع زعماء الفصائل بشقيهم المنتمين إلى مجلس المصالحة الوطنية الصومالية (S.R.R.C) وغيرهم هذا كله بجانب حضور المثقفين والكتاب و الساسة وفعاليات المجتمع المدني ورؤساء القبائل والبارزين من الشعب الصومالي .أما مسؤلي جمهورية ارض الصومال فقد غابوا عن المؤتمر بحجة أنهم دولة مستقلة ويقتصر دورهم فقط في تأييد هذا المؤتمر بهدف مساعدة إخوانهم في حل الخلافات وتخطي العقبات.

  • على الرغم من العقبات التي واجهت المؤتمر في بداياته والتي تمثلت في رفض مشاركة أربعة من كبار زعماء الفصائل وحدوث خلافات بين الزعماء المتواجدين في المؤتمر بنسبة التمثيل في المشاركة واحتجاج رؤساء القبائل على أن تكون لهم السلطة العليا إلا أن المؤتمر تجاوز أهم تلك العقبات فتم إبرام اتفاقية هدنة بين زعماء الحرب وتعهد جميع  قادة الفصائل الالتزام الكامل بعملية السلام وشملت الاتفاقية أربعة نقاط أساسية:
  • وقف إطلاق النار.
  • إقامة نظام اتحادي.
  • مواصلة مسيرة المصالحة.
  • السماح لهيئات الإغاثة الإنسانية بتسيير عملها.
  • أهم العوامل التي ساعدت على نجاح المؤتمر:
  • اهتمام المجتمع الدولي بالمؤتمر وتهديده بفرض عقوبات على كل من يقوم بمقاطعة المؤتمر وهذه التهديدات أثبتت جدواها بحضور الزعماء الذين أعلنوا مقاطعتهم للمؤتمر.
  • جدية دول الإيقاد لبناء حكومة ذات قاعدة عريضة.
  • مشاركة جميع زعماء الفصائل.

الجدير بالذكر في هذا المقام أن الرؤيا الواضحة كانت غائبة تماماً في أجندة الجلسات وبنود التفاوض مما أدى أن تتناقض المواقف وتزدوج التصريحات، فعلى سبيل المثال لا الحصر:

صرح رئيس الحكومة الانتقالية السيد/ حسن ابشر فارح بأن حكومته ترحب بالمؤتمر و الأجندة المقترحة والبنود المطروحة للنقاش ، وستشاركه بحس نية وبدون شروط ، لتأتي فجأة تصريحات رئيس المجلس الشعبي السيد / عبد الله ديروا بأن الحكومة الانتقالية لن تتفاوض مع مجرمي الحرب على حد تعبيره.

ورئيس الجمهورية السيد / عبد القاسم حسن صلاد عل الرغم من تأييده المبكر للمؤتمر إلا أنه هدد في بعض تصريحاته بسحب وفده من المؤتمر.

والسياسي البارز والمشهور السيد / علي مهدي محمد قد غادر المؤتمر في وقت مبكر محتجاً بأن هناك أيادي اجنبيه تدير هذا المؤتمر وذكر في تصريحات له لإذاعة BBC بأن إثيوبيا تنوي إجهاض المؤتمر أو صرفه لصالحها .

  • الدستور:

أدت اللجنة المكلفة بإعداد مشروع الدستور مهمتها على الرغم من الزمن الطويل.

وقبيل إجازة الدستور طرأت خلافات حادة بين المؤتمرين بسبب ما حوى الدستور من مواد مثيرة كالفدرالية وجعل اللغة العربية لغة أجنبية وتشكيل مجلس يبلغ عدد أعضاءه (450 )عضواً.

ووصف البعض هذه الخطوة – يعني إثارة مثل هذه المسائل وعرضها للنقاش بقصد إشعال فتنة بين الشعب الصومالي من جديد.

والآن نقف على هذه البنود الثلاثة كل على حدة:

  • الفدرالية:

وهي أصلا تقليل أعباء الإدارة العليا ، وإطلاق حرية التنفيذ  للأقاليم حيث يصبح كل إقليم مستقلا بإدارته مع خضوعه للسلطة العامة.

والفيدرالية هي نظام حديث نسبياً ولها حلوها ومرها فطبقتها دول متقدمة مثل أمريكا وازدهرت به ولكن هل من الممكن أن تطبق بحذافيرها على دوله من الدول النامية مثل الصومال؟ وإذا قلنا نعم ، كيف سيكون شكلها ؟ وما هي السبل الكفيلة لتطبيقها دون حدوث أي نزاعات في ترسيم حدود الأقاليم؟.

كيف سيتم تقسيم الاقاليم؟ وما هي الآليات المتاحة ؟ ومن له الحق أن يتولى إدارتها بطريقة انتخابية أم بالتعيين ؟ كل هذه الأسئلة وما يأتي في مضمارها تطرح نفسها عند الحديث عن الفيدرالية وإمكانية تطبيقها في الصومال ؟

ظروف المجتمع الصومالي والعوامل الثقافية والسكانية والجغرافية والسياسية والاقتصادية والدينية تتطلب إيجاد نظام مركزي قوي إلا أن الشعب الصومالي ذاق ما يكفيه من الظلم من الأنظمة المركزية السابقة.وبطبيعة الحال نأخذ العبرة من ماضينا لتجنب الوقوع في الأخطاء من جديد.

فالنظام العسكري المركزي السابق كان يسيطر على إدارة الاقاليم سيطرة كاملة ولم يوزع إدارة الاقاليم توزيعاً عادلاً كما أن الخدمات لم يوزعها بإنصاف وبالعكس حارب الابتكار و القدرات الشخصية بالإضافة إلى أن النظام المركزي بصفة عامة يتسم بالبطء في اتخاذ القرارات، فطالما جربنا محاسن المركزية وما شابها ، فدعنا نجرب الفيدرالية بحلوها ومرها علها تكون بداية العدالة و الإنصاف وما أدرانا قد تكون بداية طفرة.

  • اللغة العربية:

أن الشعب الصومالي قد عبر عن رفضه التام بصورة رسمية وشعبية أن تكون اللغة العربية لغة أجنبية بل وأدان ذلك بشدة مؤكدا ً أن الأمة الصومالية امة عربية وإسلامية ولن تقبل الأمة الصومالية ان تساوم في هويتها وثوابتها وقال السيد /عبدي جوليد نائب رئيس الوزراء الصومالي الذي كان يتحدث أمام المتظاهرين الذين قدرت أعدادهم بالآلاف بالعاصمة الصومالية مقديشو (13/5/2003م ) يجب أن تكون اللغة العربية لغة رسمية في البلاد وان اللغة العربية هي اللغة الرسمية في الصومال منذ الاستقلال(1960م ) وان كل من يعاديها ويروج للوقوف ضدها سيدفع ثمنها باهظاً،وشدد السيد جوليد أن فكرة اللغة الرسمية في الصومال هي اللغة الصومالية والعربية والإنجليزية يشكلان اللغة الثانية في البلاد من الدستور الجديد تنال من هوية الصومال.

  • عدد أعضاء المجلس الشعبي:

أثارة هذه النقطة أيضا خلافات حادة بل وظهرت كثير من الأصوات تنادي من هنا وهناك بتقليل عدد أعضاء البرلمان المقترح (450) إلى اقل منها فطالبت الدول المانحة والممولة بالتقليل كما ألح كبار مسئولي المجتمع المدني والزعماء التقليديين بنفس الطلب.

وتجدر الإشارة هنا أن لدى إجازة الدستور قد تم تعديل هذا البند وبند اللغة العربية إذ ينص الدستور الحالي على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في البلاد بجانب الصومالية وان عدد البرلمان هو 275 عضوا برلمانياً.

  • نتائج المؤتمر:

اختتم مؤتمر المصالحة الصومالية في العاصمة الكينية نيروبي والذي استمر مشواره قرابة السنتين بنجاح وعلى الرغم من كل العقبات التي طرأت على المؤتمر وهو في بدايته إلا أن الضغوطات الدولية والإقليمية التي مورست على المؤتمرين لتذليل الصعوبات لتخطي كل العقبات لتشكيل حكومة وطنية جعلت المؤتمر يصل إلى منتهاه .

بما أن الدستور الحالي ينص أن يكون المجلس الشعبي من275 عضوا برلمانياً فقد تم توزيعها على أساس نظام قبلي، اذ قسمت القبائل الى أربعة قبائل رئيسية وقبيلة إضافية خامسة فأخذت كل قبيلة من القبائل الرئيسية الأربعة 61 مقعداً بينما أخذت القبيلة الخامسة 31 مقعداً بحكم أنها اقل عدداً من تلك القبائل وبعد تعيين أعضاء البرلمان وأداء اليمين الدستوري في مطلع شهر سبتمبر 2004م تلت الخطوة الثانية لينتخب رؤساء البرلمان وترشح لهذا المنصب عدد من أعضاء المجلس وبعد منافسة شديدة فاز الشريف حسن شيخ ادم رئيساً للمجلس بعدما هزم منافسه السيد / ادم مروبي بأغلبية ساحقة.

  • انتخاب رئيس الجمهورية:

أما انتخاب الرئاسة ففي يوم 10اكتوبر 2002م تم الإدلاء بالأصوات لانتخاب رئيس الجمهورية وقد ترشح لهذا المنصب أكثر من26 مرشحا إلا انه فاز العقيد /عبد الله يوسف احمد الذي يبلغ من العمر سبعون عاماً وهو من الشخصيات العسكرية البارزة ، حيث قاد الجيش الوطني الصومالي في الجبهة الجنوبية خلال الحرب ضد إثيوبيا (1977 ـ1978م)  وانهزم منافسه السيد/ عبد الله احمد عبده بأغلبية مطلقة وكما أن التنافس على الرئاسة شديداً فالدعايات كانت تطلق بشكل  يومي عبر الإذاعات المحلية والفضائيات العالمية أحبانا فضلا عما كان يتكرر في سائر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة من ترويج للشخصيات،كلها كانت تزعم بأنها ستخدم للوطن إذا فازت بهذا المنصب وستعمل بكل ما في وسعها لتحقيق السلام والتنمية والاستقرار في البلاد.

وبعد إعلان النتيجة بصورة رسمية هنأ السيد / عبد الله احمد عبده الخاسر في انتخابات الرئاسة لفخامة الرئيس مؤكدا انه سوف لا يقصر جهده في مساعدة الرئيس وحكومته في خدمة البلاد والأمة وألقى الرئيس المنتخب بدوره كانت قصيرة ولكنها اتسمت بالحماس حث فيها جميع الشعب الصومالي أن يساعد الحكومة الجديدة في النهوض بالواجبات وفي مقدمة ذلك تحقيق الأمن والاستقرار.

وقد أقيم بعد أربعة أيام من تأريخ انتخاب الرئاسة احتفالا كبيراً بمناسبة تنصيبه رئيساً للبلاد وشهد هذا الاحتفال حضوراً مكثفا من قبل العديد من رؤساء وممثلي الدول العربية والأفريقية وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية حيث حضر كل من رؤساء نيجيريا ويوغندا ورواندا وجيبوتي وكينيا واليمن والتائب الأول لرئيس جمهورية السودان وعلى مستوى الوزراء شارك في الاحتفال كل من وزير خارجية إثيوبيا وإرتريا ووزيرة التعاون الدولي النرويجية كما شارك في الاحتفال من قبل المنظمات الإقليمية والدولية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لشئون الصومال والأمين العام لجامعة الدول العربية وألقيت في الاحتفال عدد من الكلمات كلها بشرت بأن الصومال قد عاد إلى النظام وان المرحلة القادمة هي مرحلة السلام والاعمار والتنمية والاستقرار.

  • أهم التحديات:

على الرغم من أن هناك مساعي إقليمية لمساعدة الحكومة بنشر قوات افريقية لنشر  الأمن وإعادة الاستقرار وعلى الرغم من أن رؤساء المليشيات وقعوا اتفاقية تسليم الأسلحة إلى الحكومة بالإضافة إلى أن كلهم أعضاء في المجلس الشعبي ويتولى بعضهم حقائب وزارية في الحكومة، وعلى الرغم من ان رجال الأعمال المحليين الذين لديهم مليشيات مسلحة بغرض حماية ثرواتهم استضافتهم جيبوتي في نهاية شهر يونيو حزيران عام 2004م بهدف الحصول منهم على التأييد للحكومة المنتخبة وأكدوا  تأييدهم لأي حكومة قادمة إلا ان المناخ لا يزال غير ملائم ، وتأتي مسألة الأمن والاستقرار في مقدمة العقبات التي تواجه الحكومة.

  • مسألة الأمن والاستقرار:

يبدو أن الأسرة الدولية مصرة على إرسال قوات افريقية وربما دولية إلى الصومال لتحمي السلام، وفي مطلع شهر يونيو حزيران 2004م وصلت الصومال وفوداً من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية للقيام بدراسة جدوى نشر قوات افريقية تقوم بمهام حفظ السلام وتثبت دعائم الحكومة، وزار هذا الوفد عدداً من الاقاليم الصومالية بدأها بعاصمة البلاد مقديشو وأثناء زيارته للعاصمة تفقد الميناء والمطار، وقابل المليشيات المسلحة وعدد من قدامى رجال الجيش الصومالي وبعض من الرموز الدينية والمثقفين والأعيان وفعاليات المجتمع المدني وكلهم قد رحبوا بخطة الوفود المقترحة من الأسرة الدولية، بيد أن أحدا من علماء البلاد قد رفض معتبراً ذلك استعماراً جديداً وقال (أن الجيش الصومالي لديه المقدرة الكافية في حفظ السلام وعلى الأسرة الدولية أن تدعمه فنياً فقط كالتدريب والتزويد بالأمتعة والأدوات اللازمة للقيام بالمهام المنوطة به) وجدير بالذكر في هذا الصدد أن الوفد لدى لقاءه مع قدامى رجال الجيش الصومالي طلب منهم المشاركة مع القوات الأجنبية في تثبيت الأمن وحماية السلام، وان رئيس الجمهورية في أول كلمة ألقاها أمام البرلمان بعد فوزه مباشرة طلب من المجتمع الدولي أن يساعد حكومته بنشر قوات دولية، وكرر هذا الطلب في كلمته أمام البرلمان في يوم تنصيبه كما عرض هذا الطلب على جلسة مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة المنعقد في نيروبي في مطلع العام الجاري، وقبله على مجلس امن الاتحاد الإفريقي المنعقد في أديس أبابا .وهناك عدد من الدول الإفريقية التي أبدت استعدادها للمشاركة بإرسال قوات حفظ السلام إلى الصومال بيد أنه طرأت في الآونة الأخيرة خلافات حادة وانقسامات شديدة في صف الحكومة خاصة أعلى هرمها حول مشاركة دول الجوار بإرسال القوات، فمجلس الوزراء وافق مشاركة دول الجوار بينما البرلمان في جلسته الأخيرة قد رفض هذا القرار بأغلبية ساحقة مما أدى أن يلجأ بعض الأعضاء إلى استخدام العنف لتمرير رأيهم وان كل من السيد / رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ما زالا متمسكان بضرورة إشراك دول الجوار في تحقيق الأمن. وكما أوردت الصحف المحلية أن إثيوبيا مستعدة لإرسال قوات إلى الصومال وجيبوتي أعلنت عزمها ايضاً بالإرسال، غير أن كينيا وحدها فقط وهي من دول الجوار هي التي ذكرت بأنها سوف لن تشارك وذلك على لسان وزير خارجيتها الذي صرح بذلك، ويرى المراقبون أن الحكومة إذا لم تعتمد على القوات الدولية أو أي قوات لحفظ السلام لتثبيت الأمن مصيرها كمصير الحكومة الانتقالية التي تشكلت في جيبوتي عام2000م وان الجيش الصومالي مهما بلغت قوته فلن يستطيع نزع السلاح   من المليشيات الصومالية ما دام الجيش نفسه مكون من قبائل.

  • العاصمة:

لا يخفى على احد أهمية العاصمة وضرورة استقرارها طالما هي قلب الوطن فالأوضاع الأمنية للعاصمة خطيرة جداً، وهناك مليشيات كثيرة لفئات مختلفة وزعماء المليشيات في هذه الحالة لديهم هاجس نسبي بأن هناك ما يهدد مصالحهم ولذلك تبنوا في الأيام الأخيرة أن يتم تشكيل إدارة إقليمية لولاية ………، تناولت بعض التحليلات الصحفية بأن هناك أجندة خفية لتعديل العاصمة من مقديشو إلى مدينة بيدوا أو إلى جوهرة أو غيرهما ولكن ومع هذا كله ما زال الأمر في طي التحليلات والتكهنات.

  • جمهورية ارض الصومال:

والمعلوم أن ارض الصومال لم تشارك في المؤتمر، وأصدرت وزارة الإعلام لجمهورية ارض الصومال عند انتخاب رئيس الجمهورية بيانا ً رسمياً ذكرت فيه أن هذه الانتخابات ونتائجها شأن داخلي وليس لأرض الصومال شأن فيها، وعلى قيادة الحكومة الجديدة أن تراعي حق الجوار وتهتم بحفظ العلاقة المتينة بين الشعبين الشقيقين.

وأما موقف الرئيس الجديد تجاه ارض الصومال فقد صرح بأنه يجب أن يحل مشكلة ارض الصومال بطرق سلمية وان وحدة البلاد أمر لا مساومة فيه ومها تكن هذه التصريحات المبكرة تصريحات ايجابية إلا أن الحكومة الحالية وبقيادة رئيس الجمهورية السيد العقيد/ عبد الله يوسف احمد أمام أمرين أحلاهما مر، فإما أن تدخل المفاوضات مع مسئولي ارض الصومال لإقناعهم بعدم الانفصال وهذا أمر يبدو صعباً إن لم يكن مستحيلاً على الأقل في الوقت الراهن، وأما أن يستخدم القوة العسكرية لحسم القضية عسكريا وهو خيار أصعب من الأول لان نظام سياد بري لم يفشل إلا عندما لجأ إلى القوة ضد المعارضة في هذه المنطقة وكان من السهل جداً أن يعالجها بطريقة سلمية لكنه استخدم قوة مفرطة وقصف المنطقة بأكملها بما فيها المدنيين مما زرع الحقد والكراهية في نفوس الشعب ضد النظام الحاكم آنذاك.

إن التحديات كثيرة جداً وهي أكثر مما تطرقنا إليه ولكن الأمر الذي يستوجب التنبيه عليه هو أن الشعب الصومالي وبعطشه الشديد إلى السلام والأمن والاستقرار يأمل من هذه الحكومة بسط الأمن والاستقرار في كافة ربوع الصومال.

فإن نجحت الحكومة في ذلك لا شك أن رصيد شعبيتها سيزداد وان لم تنجح في ذلك فيتوقع أن يكون مصيرها مصير الحكومة الانتقالية السابقة والتي شكلت في جيبوتي عام 2000م.

التعليقات معطلة.